الصحافة الاستقصائية منهج جديد لكشف الفساد و تحقيق القيم الاجتماعية

الملخص

إذا ما نظرنا الى المشكلات الاجتماعية التي أخذت مسارا تصاعديا في التعقيد والتأزم لحياة الفرد والمجتمع فإن من الطبيعي أن تدفع هذه الإشكالية المتخصصين للبحث عن مجالات متعددة بغية الوصول لحلول منطقية تضمن للفرد حقوقه وتبصره بواجباته لتأكيد كيانه الانساني في البناء والتنمية واعتماد الشفافية سلوكا لبناء الأوطان . وانطلاقا من ذلك دفعت الحاجة منذ عقود ليست طويلة للبحث عن نمط صحفي جديد أطلق عليه تسمية "الصحافة الاستقصائية" والتي عرفت بأنها أخبار ذات صفات معينة وأهمية اجتماعية ضرورية، تقوم على عمل بحثي بضوابط أحترافية حيادية وليست تحقيقات مسربة من السلطات الرسمية، تظهر نمطاً لمشكلات متعددة تتكرر وليس فقط حادثة واحدة معزولة، وتكشف عن سبل تصحيح الأخطاء، وتفسر قضايا اجتماعية معقدة وتكشف عن الفساد والأعمال المخالفة للقانون وعن إساءة استخدام السلطة وغير ذلك . وإذا نظرنا إلى التجربة الاستقصائية في الإعلام الغربي، سنجد أن للمصطلح رواده الذين عرفوا من خلال "خبطاتهم" الصحافية مثل" بوب وودورد" الذي تألق باسلوبه الاستقصائي "المساءلي" عندما قدم خدمة جليلة للمجتمع الغربي في كشف الفساد ، كما أن للصحافة الاستقصائية هناك معاهد وقواعد وتجارب، وأموال كثيرة تُدفع في حال كان الصيد ثميناً. أما عربياً فالمشهد شبه معدوم الا من بعض المحاولات هنا وهناك ومع ذلك فهو حديث تجربة، تتسم بكثير من المجازفات للعاملين فيها بسبب غياب او ضعف الوعي الديمقراطي. وبشكل عام فالصحافة الاستقصائية هي أحدى الاجناس الصحفية الاكثر موضوعية وتوازنا فى تصوير الواقع، تقوم على اساس توثيق المعلومات والحقائق بخطوات منهجية علمية بغية كشف المستور وخدمة المنفعة العامة. واذا كان هذا اللون الصحفي الحديث عهد بدخوله لغرف التحرير بمنطقتنا العربية فانه قطع شوطا طويلا من أثبات الوجود والنجاح الفاعل في ساحات غربية متعددة. وعلى مدى اربع سنوات من العمل المتواصل عربيا بهذا المجال وبجهود أول منظمة اعلامية عربية ( أريج ) في التركيز على أشراك الصحفيين العرب في دورات لدراسة مفهوم الصحافة الاستقصائية في سبيل انجاز تحقيقات استقصائية حول مختلف القضايا التي تهم الرأى العام بمواصفات مهنية فانه جرى تحقيق بعض الشيء الملموس، عندما انتجت هذه التجربة عددا من التحقيقات التي من شأنها ان سلطت الاضواء على مختلف الخروقات الرسمية في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية وغيرها.