ثقافة الإنسان الصحية وعلاقتها بالمرض المزمن
الملخص
يتعلق موضوع الثقافة الصحية في المجتمع الإنساني بمجال دراسة علم الاجتماع الطبي وعلم النفس الاجتماعي باعتبارهما تخصصان يهتمان بقضايا الصحة النفسية و الاجتماعية أو بصفة أدق مدى ارتباط هذه العلوم وغيرها بسلامة الإنسان والمجتمع وصحته الجسدية والذهنية والعاطفية والمهنية. من ناحية أخرى تجدر الإشارةإلىالأهميةالتي تكتسبها الثقافة الصحية باعتبارها واحدة من حقائق الحياة وثوابتها ولكونها أيضا ظاهرة تهم عامة الناس وخاصتها إذ لا يكاد يوجد إنسان على وجه البسيطة خلال حياته لم يعاني أو يتعرف على شكل من أشكالالأمراض بشتى أنواعها ولو في ابسط حالاتها . وبالتالي إذا أدرك المرء طبيعة الأمراض فإنه حتما يتطلع إلىأهمية الصحة لان المرض مهما كان نوعه فهو انحراف على الحالة الطبيعية للجسم إلى الحد الذي تصبح فيه القدرات الفسيولوجيةللأنسجة غير قادرة لإعادة الجسم إلى حالته الطبيعية أو إحداث التوازن الطبيعي للأعضاء بوظائفها وقدراتها. ففي مجال الأمراض الاجتماعية على سبيل المثال يعتقد تالكوت بارسونز Talcott-Parsonsبان هذا النوع هو انحراف الأعضاء عن النسق الاجتماعي لما يترتب عليه من خلل في أداء الأدوار والوظائف الاجتماعية بالطريقة المعتادة . ولذلك نعتقد في ميدان علم الاجتماع الطبي أن لحالات المرض وعلاقتها بالمجتمع ارتباطات عضوية وتأثيرات بيئية إذ نتحدث أحيانا عن الأمراض الوبائية التي يدخل فيها دور البيئية الطبيعية والبيئة البشرية أيضا .فالأمراض المزمنة التي أصبح الحديث عنها اليوم بشكل ملفت للانتباه نتيجة تطور حالاتها وتنوع صفاتها وأصبحت تشكل أيضا عبئا كبيرا على كاهل الفرد والمجتمع والدولة بل الأكثر من ذلك جعلت الوفيات اليومية وباستمرار وتزيد من شدة الانتباه والاهتمام ولم يقتصر ذلك على العالم الصناعي فحسب بل زيادة مفرطة في العالم النامي وبلدان العالم العربي كالجزائر التي تعيش منذ عهود طويلة تحولات وبائية جعلت من الأمراض المزمنة مشكلة صحية خطيرة أو بالأحرى نكسة ثقافية صحية لها علاقة وطيدة بالظروف المحيطة بالإنسان العادي ومستواه التعليمي وثقافته وتكوينه الذي يؤثر على وظائف أعضائه الفسيولوجية .